بدأ هذا العام بشكل إيجابي في الاقتصادات الآسيوية الناشئة. فقد سادت معنويات عالية مع توافر الفرص للاقتصاد العالمي للاستفادة من مزيج إيجابي من النمو المعتدل والتوظيف المرتفع والتضخم المنخفض. وكان من المتوقع أن تكون الصين، على وجه الخصوص، محركًا رئيسيًا للانتعاش الاقتصادي القادم، مع توسع تأثير الدعم الإيجابي للسياسات المتبعة إلى السلع والأسواق الناشئة والاقتصادات المفتوحة الأخرى. في الواقع، كانت المؤشرات الرئيسية من آسيا تبعث بالفعل إشارات إيجابية عن حدوث استقرار خلال الأشهر الأخيرة. ولكن ظهرت مخاطر كبيرة من تداعيات تفشي مرض الالتهاب الرئوي في منطقة ووهان الصينية. وسيتناول تحليلنا النتائج الاقتصادية الرئيسية لانتشار الفيروس، ويناقش التأثيرات المحتملة، والمخاطر، والسياسات المتوقعة لمواجهة الموقف، والتأثير الكلي على مستقبل الاقتصادات الآسيوية الناشئة.
ستكون السياحة في آسيا، خلال الأسابيع القادمة، أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بالفيروس الجديد. فمن المتوقع أن ينخفض عدد الزوار الوافدين إلى جميع أنحاء المنطقة، مما قد يؤثر سلباً على النمو في الربع الأول من عام 2020. وفي وقت كتابة هذا التقرير، يتم إلغاء رحلات جوية واتخاذ قرارات إدارية للحد أكثر من تدفق السياح القادمين من الصين. لقد ذهبت الحكومة الصينية إلى حد إلغاء جميع الرحلات السياحية الجماعية التي كان من المخطط أن تغادر البلاد، مما أثر بشكل فوري على حوالي 50-60% من جميع السياح الصينيين. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم هونغ كونغ بإغلاق بعض نقاط التفتيش الحدودية وتقييد خدمات الطيران والقطارات من البر الرئيسي، بينما أعلنت ماليزيا ومنغوليا والفلبين عن فرض قيود على الحدود أو التأشيرة للمواطنين الصينيين.
هذا الأمر ليس بالهين، فالسياحة مصدر رئيسي للدخل بالنسبة للأسواق الناشئة في آسيا. على نحو هام، يمثل الإنفاق السياحي من المواطنين الصينيين حصة كبيرة في بعض الاقتصادات، وخاصة هونغ كونغ وكمبوديا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا.
إذا انتشر الفيروس بسرعة أكبر خارج الصين ووصل إلى دول آسيوية أخرى، من المرجح أن يتجنب السياح من جنسيات مختلفة زيارة المنطقة تماماً. وعلاوة على ذلك، إذا تطورت الأمور على غرار تفشي فيروس سارس في أوائل عام 2000، ستعاني قطاعات التجزئة والخدمات أيضاً من تباطؤ حاد في الاستهلاك المحلي. وذلك لأن الناس يخشون انتقال العدوى ويتجنبون بطبيعة الحال الخروج للترفيه أو العمل في المناطق التي يوجد فيها الفيروس.
وإذا لم يحدث تقدم كبير في إيجاد علاج أو لم تتباطأ وتيرة تفشي العدوى، هناك تهديد كبير بتعطل الأنشطة الصناعية. وتعد الصين المحور الرئيسي لسلاسل التوريد في آسيا، ويمكن أن يؤدي أي تمديد لعطلات العام القمري الجديد إلى إضعاف الشركات في جميع المناطق. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى منع أو تأخير التحول الإيجابي القادم في الدورة الصناعية العالمية نحو تحقيق توسع آخر.
ويؤدي التغير المفاجئ في معنويات السوق إلى ظهور قوى انكماشية (مثل، الضغوط الهبوطية الحادة في أسعار السلع الأساسية). لذلك، نتوقع أن تتعزز الحجج المؤيدة لتقديم مزيد من المحفزات الاقتصادية في كل من آسيا وبقية العالم، على الأقل خلال الأشهر المقبلة. ومن المرجح أن تلجأ الصين، على الأقل، إلى تدابير نقدية ومالية لدعم النمو على المدى القصير، قد تصل إلى تخفيف القيود الحالية على نمو الائتمان غير التقليدي.
قبل ظهور الفيروس، كانت لدينا رؤية بناءه للاقتصادات الآسيوية الناشئة في عام 2020، حيث توقعنا أن يتسارع النمو بشكل معتدل ليصل إلى حوالي 42% على أساس سنوي من 3.8% في عام 2019. ولا زال من السابق لأوانه لإعطاء تقييم شامل للوضع مع انتشار الفيروس، ولكننا نتوقع الآن حدوث تباطؤ كبير في معدل النمو في الربع الأول من 2020. ومع ذلك، إذا تم احتواء انتشار الفيروس خلال الأسابيع المقبلة، فسوف نشهد انتعاشًا قويًا في النشاط الاقتصادي في الربعين الثاني والثالث.
يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير عربي و English