في الأسبوع الماضي، تحدثنا عن تباين الأداء الاقتصادي عبر منطقة اليورو، وخلصنا إلى أن "هذا الاختلاف في الأداء في منطقة اليورو يمثل مشكلة حقيقية لصناع السياسات والبنك المركزي الأوروبي بشكل خاص. على سبيل المثال، لا يوجد ما يكفي من ديون خاصة بالحكومة الألمانية ليتسنى للبنك المركزي الأوروبي شراءها، فيما هناك الكثير من الديون الإيطالية."
نعتقد بأن البنك المركزي الأوروبي يقوم حالياً بإعداد حزمة شاملة من الحوافز النقدية ليتم الإعلان عنها في اجتماعه بتاريخ 12 سبتمبر. وسنتطرق فيما يلي إلى المكونات المحتملة لحزمة حوافز البنك المركزي الأوروبي.
تدلل مجموعة من العوامل على أن البنك المركزي الأوروبي ليس أمامه خيار سوى توفير حوافز نقدية لاقتصاد منطقة اليورو في اجتماعه في سبتمبر. العامل الأول هو الضعف الاقتصادي الذي تطرقنا إليه في الأسبوع الماضي. والعامل الثاني هو استمرار معدل التضخم دون المستوى المستهدف. والثالث هو التصعيد المستمر للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما سيزيد من تفاقم ضعف الطلب الخارجي على صادرات منطقة اليورو. والعامل الرابع هو تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى نهج حذر وقيامه مؤخراً بتخفيض سعر الفائدة، وهو ما يضع ضغوطاً تصاعدية على اليورو من خلال انخفاض الفارق بين أسعار الفائدة.
برأينا أن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى اعتماد مجموعة متضافرة من تدابير تتمثل في أربعة إجراءات رئيسية لتحفيز الاقتصاد بسبب القيود التي تحد من فعالية كل إجراء بمفرده.
أولاً، سيبدأ البنك المركزي الأوربي بخفض سعر الفائدة الرئيسي لديه، "سعر الفائدة على الودائع". لكننا نتوقع أن يتم الخفض بـ 10 نقاط أساس فقط إلى -0.50% بسبب الضربة التي سيشكلها ذلك على ربحية البنوك جراء تقلص صافي هوامش الفائدة لديها في الوقت الذي تجد فيه البنوك صعوبات لتمرير أسعار الفائدة السلبية لعملائها.
ثانياً، نتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوربي بإعادة تفعيل برنامج شراء الأصول الخاص به، من خلال شراء 20 مليار يورو من الأصول كل شهر (أنظر الرسم البياني). ويعتبر هذا المعدل من التيسير الكمي بسيط نسبياً لأن البنك المركزي الأوربي غير مسموح له بشراء أكثر من 50% من أي سند مفرد أو أكثر من 50% من مجموع السندات الصادرة عن حكومة معينة. وبالفعل، يصعب على البنك المركزي الأوربي شراء أكثر من 33% من أي سند مفرد حيث أن فعل ذلك سيسمح له بتوقيف أي قرار يخص مفاوضات إعادة جدولة الديون. كما يلتزم البنك المركزي الأوربي بشراء الأصول بما يتناسب مع حصة كل بلد في رأس مال البنك المركزي الأوربي.
ثالثاً، نتوقع أن يطلق البنك المركزي الأوربي جولة جديدة من عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل، مما سيوفر تمويلاً مدعماً للبنوك الراغبة والقادرة على زيادة حجم إقراضها إلى الاقتصاد الحقيقي. وقد شكلت عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل مصدراً مهماً لدعم اقتصاد منطقة اليورو في الماضي، من خلال تعزيز إمدادات الائتمان. لكن فعالية هذه الوسيلة تعتمد أيضاً على مدى قوة الطلب على الائتمان، أي القدرة والرغبة لدى المستهلكين والشركات في الاقتراض. وفي ظل الارتفاع النسبي لحالة عدم اليقين التي تحيط بالوضع الاقتصادي، فمن المحتمل أن يكون ضعف الطلب على الائتمان بمثابة عائق أكبر من ضعف المعروض من الائتمان.
وأخيراً، نتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوربي أيضاً بتحديث "الإرشادات الاستشرافية" الخاصة به مؤكداً تمديد التزامه بعدم رفع أسعار الفائدة لمدة 6 أشهر، أي حتى قبل نهاية عام 2020. وقد يعزز البنك المركزي الأوربي نهج التحفيز من خلال الإرشادات الاستشرافية عبر الالتزام بالاستمرار في التيسير الكمي لمدة زمنية مشابهة أو أقصر.
على الرغم من إيجابية هذه الحزمة الواسعة من التحفيز النقدي من البنك المركزي الأوروبي على نمو منطقة اليورو خلال السنوات القليلة المقبلة، إلا أننا نخشى أن تؤدي إلى إثارة غضب الرئيس ترامب. لذلك، نتوقع أن تتسبب إجراءات البنك المركزي الأوروبي في استمرار وابل من تغريداته التي يشكو فيها من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يقوم بدوره على أكمل وجه حيال خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد الأمريكي. كما نخشى أيضاً أن تقدم هذه الإجراءات عذراً مناسباً لترامب لبدء الهجوم على الواردات الأوروبية بالتعريفات الجمركية.
يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير عربي و English