أظهرت بيانات صدرت مؤخرا عن مجلس الذهب العالمي عن تحول في المسار المتراجع في احتياطيات المصارف المركزية في العالم من الذهب منذ عام 2008. فقد تراجعت احتياطيات المصارف المركزية من الذهب بنسبة 9,6 في المائة خلال الفترة من عام 2000 إلى 2008، لكن منذ ذلك الحين ارتفعت احتياطيات الذهب بنسبة 2,2 في المائة من 29870 طن في 2008 إلى 30535 طن من الذهب بنهاية 2010.
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة لزيادة الطلب على الذهب من المصارف المركزية التي لديها فائض من السيولة في بعض الدول الناشئة مثل الصين والهند وروسيا وبعض الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط. وعلى سبيل المثال فقد ارتفعت احتياطيات الصين من الذهب بنسبة 167 في المائة خلال العقد الماضي من 395 طن في عام 2000 إلى 1054 طن في عام 2010. كما ارتفعت احتياطيات المملكة العربية السعودية بنسبة 126 في المائة خلال نفس الفترة لتصل إلى 323 طن.
وتقوم المصارف المركزية في الدول الناشئة والتي تتميز بمعدلات سيولة مرتفعة بشراء المزيد من الذهب في إطار جهودها لتنويع أصول احتياطياتها بعيدا عن العملات الأجنبية الرئيسية مثل الدولار الأميركي واليورو. وتزايد هذا التوجه بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 مع تصاعد المخاوف بشأن قدرة الدولار واليورو على المحافظة على قيمتيهما. وبحلول عام 2010، أزاح الذهب اليورو واحتل المركز الثاني بعد الدولار في قائمة أصول احتياطيات المصارف المركزية.
وفي أعقاب الأزمة المالية تزايدت المخاوف حول العجز في ميزانية الولايات المتحدة وحجم الدين العام الأميركي بالإضافة على أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. ويرى تحليل QNB Capital أنه ليس من المتوقع حل هذه المخاوف على المدى القصير وبالتالي فمن المتوقع أن تستمر المصارف المركزية في الدول الناشئة في شراء الذهب في المستقبل القريب.
وينظر المستثمرون إلى الذهب على أنه الملاذ الآمن حيث يوفر لهم الحماية خلال ارتفاع حدة المخاطر في الأسواق العالمية. ولذلك فإن الأزمة المالية العالمية تشجع المصارف المركزية التي لديها فوائض من السيولة على شراء المزيد من الذهب. وقد ساهم ارتفاع الطلب على الذهب من المصارف المركزية في الدول الناشئة في ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية، حيث ارتفع سعر الذهب بمعدل 339 في المائة خلال العقد الماضي من متوسط سعر بلغ 279 دولار للأوقية في عام 2000 إلى متوسط سعر بلغ 1225 دولار للأوقية في عام 2010. ويظهر تحليل QNB Capital أن وصول أسعار الذهب إلى مستويات قياسية في الوقت الحالي يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو في الطلب على الذهب، لكن بشكل عام من المتوقع أن تستمر المصارف المركزية في زيادة احتياطياتها من الذهب.
ويلعب الطلب من المستثمرين وبنوك الاستثمار على الذهب دورا في زيادة الأسعار بسبب جاذبية الذهب كملاذ آمن. ويدعم هذا التوجه النمو في صناديق الاستثمار التي تقدم فرص استثمار في السلع (استثمار في الذهب الحقيقي). وتمتلك هذه الصناديق حاليا حوالي 2000 طن من الذهب. كما إن ارتفاع الطلب على الذهب من قطاع المصوغات يؤدي أيضا إلى زيادة الأسعار حيث بلغ الطلب 2000 طن في سنة 2010 وحدها.