أكد تحليل صادر عن QNB Capital حول تقرير حديث لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن الاقتصاد العالمي يتعافى عقب الركود الذي واجهه في 2009 .
وأصدرت المنظمة، التي تضم في عضويتها 34 دولة معظمها من الدول المتقدمة، تقريرها نصف السنوي حول توقعات الأداء الاقتصادي نهاية شهر مايو. ويتوقع التقرير أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالأسعار الثابتة معدل نمو يصل إلى 4.2 في المائة ثم يرتفع معدل النمو إلى 4.6 في المائة في 2012.
وتعكس النظرة العامة للتقرير مستويات أعلى من الثقة في تعافي الاقتصاد العالمي، خاصة في القطاع الخاص. غير أن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تتوقع اختلافات هامة بين الاقتصاديات المتقدمة والناشئة، حيث تتوقع أن يصل معدل النمو بين الدول الأعضاء فيها إلى 2.3 في المائة في 2011 و2.8 في المائة في 2012، وذلك مقارنة مع توقعات بأن يصل متوسط معدل النمو في الاقتصاديات الناشئة إلى 7 في المائة خلال عامي 2011 و2012.
لكن هذا التعافي يواجه خطرين رئيسيين هما ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، خاصة في الاقتصاديات الناشئة.
ويركز تقرير المنظمة على قضية ارتفاع معدلات البطالة المتواصلة في عدد من الاقتصاديات، حيث ارتفعت معدلات البطالة في دول المنظمة من 5.7 في المائة في 2007 إلى 8.3 في المائة في 2010. كما أن معدلات البطالة ارتفعت بأكثر من 2 في المائة في اثني عشر دولة من الدول الأعضاء في المنظمة خلال هذه الفترة.
وشهدت معدلات البطالة ارتفاعات عالية في بعض الدول حيث ارتفعت البطالة في ايرلندا من 4.6 في المائة في 2007 لتصل التقديرات إلى أنها بلغت 14.7 في المائة هذا العام. كما ارتفعت البطالة في الولايات المتحدة من 4.6 في المائة في 2007 إلى 9.6 في المائة في 2010. وتتوقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن تتراجع معدلات البطالة في الدول الأعضاء من 8.3 في المائة في 2010 إلى 7.4 في المائة في 2012، لكن هذا المعدل يظل مرتفعا.
كما أن هناك مخاوف أكبر من أن تتحول قضية البطالة إلى مشكلة مستحكِمة أو مزمنة بسبب الارتفاع في نسبة العاطلين عن العمل لأكثر من عام، حيث نجد ارتفاع متواصل في نسبة العاطلين لفترات طويلة مقارنة مع إجمالي العاطلين عن العمل في عدة دول، ونشهد ذلك بمعدلات تثير قلق شديد في أسبانيا (حيث بلغت النسبة 8 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2010) وأيرلندا (7 في المائة) والولايات المتحدة (3 في المائة).
ويرى تحليل QNB Capital أن مشكلة البطالة لفترات طويلة الأجل يمكن أن تؤدي إلى تدهور في كفاءة القوى العاملة، فضلا عن احتمال التحول إلى عائق اقتصادي نظرا لخروج عدد كبير من العاطلين من سوق العمل نهائياً.
الخطر الآخر هو التضخم الذي يمكن أن يؤدي إلى إعاقة التعافي في الاقتصاد العالمي، حيث أن ارتفاع أسعار النفط والسلع بالإضافة إلى السياسات النقدية التوسعية تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم حول العالم.
وتتزايد الضغوط التضخمية في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بسبب ارتفاع الطلب المحلي والصدمات المفاجئة في الإمدادات (مثل انخفاض الصادرات اليابانية عقب الزلزال)، بالإضافة إلى تدفقات عالية من رؤوس الأموال (مثلما حدث في البرازيل هذا العام حيث أدت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى ارتفاع معدلات التضخم).
ويمكن أن تدفع المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم الحكومات إلى زيادة أسعار الفائدة، والتي بدورها ستكبح النمو الاقتصادي نظرا لزيادة تكلفة الاقتراض.
غير أن هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تدفقات رؤوس الأموال التي تنجذب إلى معدلات الفائدة المرتفعة على الودائع. وأكدت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن تدفقات رؤوس الأموال لعبت دور جزئي في زيادة معدلات التضخم، لذلك فإن رفع سعر الفائدة يمكن أن يأتي بنتيجة عكسية حيث أن أسعار الفائدة المرتفعة ستحفز تدفق رؤوس الأموال.
وتناول تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بعض المخاطر الأخرى التي تواجه التعافي في الاقتصادي العالمي بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط والسلع والتي تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، فضلا عن احتمالات تراجع النمو الاقتصادي في الصين وتجدد الضعف في أسواق العقارات. كما تم التطرق إلى بعض المخاوف الأخرى مثل مشاكل الديون السيادية في منطقة اليورو، وارتفاع مستويات العجز في ميزانية الولايات المتحدة واليابان، والتي بلغت 10.6 في المائة و8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي في الدولتين خلال 2010.