توقع تقرير جديد صادر عن QNB Capital، تحت عنوان "قطر – نظرة اقتصادية"، أن تحقق دولة قطر نمواً قوياً في فائض الحساب الجاري ويرجع معظم ذلك الفائض إلى ارتفاع ملحوظ في عائدات الصادرات.
ويقيس الحساب الجاري تدفقات العملات الأجنبية من والى الاقتصاد الوطني، والتي ترتبط بالتعاملات في البضائع والخدمات، بالإضافة إلى عائدات الاستثمار والتحويلات. وتأتي معظم تدفقات العملات الأجنبية إلى قطر من صادرات البضائع، في حين تؤدي التدفقات إلى خارج الدولة لدفع قيمة البضائع المستوردة إلى معادلة جزء من تدفقات الصادرات.
أدى التطور السريع في الصناعات المرتبطة بالغاز إلى نمو عائدات الصادرات بمعدل %20 سنوياً منذ عام 2006 ومن المتوقع أن يتسارع هذا المعدل خلال عامي 2011-12. ويتوقع تقرير QNB Capital أن ترتفع عائدات التصدير بقوة من 72 مليار دولار في 2010 إلى 113 مليار دولار (معدل نمو سنوي يبلغ %25) في 2012، حيث ستمثل الصادرات المرتبطة بالغاز %66 من إجمالي الصادرات، مرتفعة من نسبة %38 في عام 2006.
وتتركز معظم الصادرات المرتبطة بالغاز في الغاز الطبيعي المسال، حيث تعمل حالياً شركات الغاز الطبيعي المسال القطرية، وهي قطر للغاز ورأس غاز، بكامل طاقتها الإنتاجية والتي تبلغ 77 مليون طن سنوياً. كما تقوم قطر أيضاً بتصدير الغاز عن طريق الأنابيب، ومنتجات تحويل الغاز إلى وقود سائل، والمتكثفات.
يظل النفط الخام جزء مهم من الصادرات، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط حالياً، غير أن إنتاج النفط لم ينمو بمعدلات قوية كالتي شهدها النمو في إنتاج الغاز. وسيمثل عائد تصدير إنتاج النفط ربع إجمالي عائدات الصادرات القطرية في 2012، منخفضاً من أكثر من النصف في 2006.
كما شهدت صادرات المنتجات غير النفط والغاز نمواً متواصلاً ومن المتوقع أن ترتفع بقوة خلال عامي 2011-12 مع بدء الإنتاج في مشاريع جديدة. ويتكون حوالي ثلاثة أرباع هذه الصادرات من منتجات البلاستيك والكيماويات والأسمدة، وكلها مُصنعة من مواد أولية هيدروكربونية. ويتكون معظم باقي الصادرات من المنتجات المعدنية، خاصة الالومنيوم من مصنع شركة الومنيوم قطر الذي بدأ العمل مؤخراً، فضلاً عن الصُلب.
بلغت الواردات أعلى المستويات خلال 2008 ومن ثَمَ تراجعت خلال العامين الماضيين. ويتوقع تقرير QNB Capital أن ترتفع بشكل طفيف خلال عامي 2011-12 إلى متوسط 25 مليار دولار. ويرجع السبب الرئيسي لذلك إلى توقعات بتراجع الطلب على واردات الآلات عقب استكمال العديد من المشاريع الصناعية الضخمة، خاصة وحدات إنتاج الغاز الطبيعي المسال العملاقة.
غير أن واردات المنتجات الاستهلاكية ستستمر في النمو، ونفس الأمر بالنسبة لمواد البناء المطلوبة لمشاريع البنية التحتية والعقارات.
ولأول مرة في عام 2010 جاء معظم تدفقات العملات الأجنبية إلى خارج قطر في حساب المدفوعات "غير العينية" وليس في حساب واردات البضائع العينية. ويشمل هذا المدفوعات مقابل خدمات قدمتها الشركات الأجنبية، والأموال التي أنفقها السياح القطريين في الخارج، وتحويلات العمالة الوافدة، وتحويل الشركات الأجنبية دخلها إلى دُولِها الأصلية.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه نظراً لنمو المدفوعات غير العينية بوتيرة أسرع من النمو في الواردات. إلا أن العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي سيتراجع خلال عامي 2011-12 بسبب النمو السريع في الناتج المحلي الإجمالي، مع نمو الصادرات بنفس معدلات النمو في الناتج الحلي الإجمالي.
وباختصار، سيؤدي ارتفاع الصادرات مع الارتفاع الطفيف في الواردات وحساب المدفوعات غير العينية إلى ارتفاع قوي في فائض الحساب الجاري. ويتوقع تقرير QNB Capital أن يصل متوسط هذا الفائض إلى %30 من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2011-12، ويبلغ ذروته عند 59مليار دولار في 2012، وهو ما يمثل أربعة أضعاف متوسط الفائض خلال الفترة بين 2006-10.
ويعتبر الفائض القوي في الحساب الجاري، وهو من أعلى المستويات العالمية، ركيزة الاقتصاد القطري، حيث سيُستخدم هذا الفائض لتمويل الاستثمارات الخارجية التي تقوم بها الشركات الخاصة والأشخاص والمؤسسات المرتبطة بالحكومة. وهذا سيبني قاعدة الأصول الأجنبية التي ستستمر في تعزيز الدخل الأجنبي لدولة قطر.