ارتفعت أسعار الذهب فوق مستوى 1,600 دولار للأوقية وهو معدل أعلى بحوالي %30 مقارنة مع متوسط سعر الذهب خلال عام 2010. ويرى تحليل صادر عن QNB Capital أن هذا الارتفاع جاء نتيجة لاعتبار الذهب ملاذ آمن في ظل استمرار المخاوف حول العملات الرئيسية.
وبلغت أسعار الذهب مستويات مرتفعة جديدة خلال يوليو من العام الحالي مقابل كل من الدولار الأميركي واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني، وهي العملات الرئيسية الأربعة حيث تستحوذ على أكثر من ثلاثة أرباع التعاملات في أسواق العملات.
وشهدت أسعار الذهب ارتفاعات قوية خلال العامين الماضيين نتيجة لزيادة الطلب عليه من قِبَل المستثمرين في القطاع الخاص وبعض المصارف المركزية. ويرجع هذا بشكل جزئي إلى قيام الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة بالتوسع في ضخ عملاتها للمساعدة في استعادة النمو الاقتصاد عقب حالة الركود في عام 2009، في حين أن إمدادات الذهب ترتفع بشكل أبطأ ومتوقع من خلال عمليات التعدين عن مستوى %1.5 سنوياً.
وتحتفظ العديد من المصارف المركزية بكميات كبيرة من الذهب كجزء من مخزونها، بما يعادل %18 من إجمالي الذهب المستخرج على مستوى العالم والذي بلغ 168,000 طن (تصل قيمته حاليا إلى أكثر من 8 تريليون دولار). كما يحتفظ المستثمرين بكمية مماثلة من الذهب على هيئة سبائك أو عملات، وغالبا ما يعتبرونه عملية تحوط ضد التضخم.
في حين أن الجزء الأكبر من كميات الذهب في العالم، حوالي %51، يتم تداولها على هيئة مجوهرات، حيث يتم استعمالها في الغالب على أنها حاضنة للثروة، بما في ذلك المهور. كما يستخدم الذهب في الصناعة والاليكترونيات وطب الأسنان. وهذه الاستعمالات المتعددة للذهب – كعملة أو أصل مالي أو سلعة – يؤدي على تعقيد عملية تقدير السعر العادل للذهب.
ورغم أن سعر الذهب بلغ مستويات تاريخية بالأسعار الجارية، لكنه يظل أقل بكثير من سعره التاريخي الذي بلغه في يناير عام 1980 في حال تعديل السعر طبقا لمعدلات التضخم، حيث بلغ سعر الذهب خلال تلك الفترة ما يوازي 2400 دولار بالأسعار الجارية. ويعتبر المتاجرون الذين يتوقعون ارتفاعات جديدة أنه حتى عند مقارنة أسعار الذهب الحالية مع أسعار السلع والأصول الأخرى، وليس العملات، فيمكن ألا يكون مرتفعا.
وعلى أية حال فإن القفزة التي شهدتها أسعار الذهب خلال الشهر المنصرم جاءت نتيجة لمخاوف خطيرة ضغطت على الدولار الأميركي واليورو، الأمر الذي أدى إلى تزايد التركيز على الذهب كملاذ آمن ضد مخاطر تراجع قيمة العملات.
وقد أدت أزمات الديون في بعض الدول الأوروبية، وبخاصة اليونان، إلى إضعاف اليورو، في حين أن الدولار يعاني نتيجة لفشل الإدارة الأميركية في التوصل لاتفاق على رفع سقف الدين المسموح به، وهو إجراء مطلوب لتجنب تعثر الولايات المتحدة في دفع التزامات ديونها لأول مرة في تاريخها.
ومن الممكن حل أزمة الولايات المتحدة من خلال التوصل إلى اتفاق اللحظة الأخيرة بين الجمهوريين والديموقراطيين. كما يمكن أيضا تأجيل الازمة من خلال وضع الأولوية لدفع الفائدة على الديون مقابل تأجيل الالتزامات الحكومية الأخرى مثل دفع الرواتب.
ويرى تحليل QNB Capital أن التأجيل يمكن أن يؤدي إلى رفع أسعار الذهب إلى مستويات جديدة، في حين أن التوصل لاتفاق يمكن أن يعزز قيمة الدولار مقابل الذهب بشكل جزئي، والأمر سيعتمد على بنود هذا الاتفاق.