QNB
QNB

أزمة ديون منطقة اليورو تستمر لعدة أشهر قادمة

نشر يوم : Sun, 23 Oct 2011

لا يزال التوصل إلى حل في الفترة القريبة لأزمة الديون السيادية الأوروبية يتطلب تقليص الفجوة بين مجموعة كبيرة من المصالح المتشابكة والمعقدة. ويرى تحليل صادر عن QNB Capital أن هذا الوضع سيحتاج لمزيد من الوقت وبالتالي من المستبعد التوصل إلى حل نهائي خلال القمة الأوروبية التي تنعقد اليوم (23 أكتوبر).

وتظل الديون السيادية في اليونان التي بلغت مستويات لا يمكن تحملها في بؤرة الأزمة، حيث أن الكثير من البنوك في منطقة اليورو تمتلك سندات الحكومة اليونانية وبالتالي ستكون معرضة لخسائر في حال تعثرت اليونان عن سداد ديونها. ويقوم القادة الأوروبيون بجهد حثيث من أجل التوصل إلى آلية لضمان حماية البنوك ودول الاتحاد الأوروبي في حال تقرر شطب ديون اليونان.

كما يواجه القادة الأوروبيون ضغوطاً من أجل التوصل لاتفاق حول حل للأزمة خلال القمة الأوروبية في 23 أكتوبر في بروكسل. وكان وزراء المالية في دول مجموعة العشرين قد اجتمعوا في 16 أكتوبر وطالبوا في بيانهم دول منطقة اليورو بالاتفاق خلال القمة على الآتي:

أ‌. الخسائر التي يتوجب على القطاع الخاص تحملها في أزمة ديون اليونان
ب‌. خطة لإعادة رسملة البنوك
ج. خطة لضمان حماية دول منطقة اليورو الأخرى من مخاطر انتقال الأزمة إليهم بعد أي عملية لإعادة هيكلة ديون اليونان

المطلب الأول (أ): وافق حاملي السندات من القطاع الخاص في يوليو من العام الجاري على شطب %21 من ديون الحكومة اليونانية. لكن مع مزيد من التدهور في الوضع، أشارت تقارير إلى أن القادة الأوروبيون يطالبون القطاع الخاص بزيادة نسبة الشطب إلى %50، غير أن هذا المعدل الكبير سيضع الكثير من البنوك الأوروبية في حاجة إلى عملية إعادة رسملة أو بمعنى آخر زيادة رأس المال الأساسي.

ولذلك فإن ممانعة البنوك في الموافقة على تحمل خسائر أكبر من السندات اليونانية لا يثير الدهشة. بل إن الأمر أصبح علنياً عندما أكد كل من رئيس معهد التمويل الدولي، وهي مؤسسة تضم أكبر المؤسسات المالية في العالم، والرئيس التنفيذي لدويتشه بنك أنه لن يتم تعديل نسبة شطب الديون المتفق عليها عند %21. وهذا الوضع يوضح مدى التباين بين أطراف القضية حول الخسائر التي سيتحملها القطاع الخاص نتيجة لأزمة ديون اليونان (أ).

كما أن إرغام البنوك على تحمل المزيد من الخسائر، وليس اتخاذ القرار بشكل تطوعي، سينطوي على مخاطر كبيرة حيث أن هذه العملية يمكن تصنيفها على أنها حالة تعثر في سداد الديون. وحسب المصرف المركزي الأوروبي فإن الإعلان عن حالة التعثر ستزيد من مخاطر انتقال الأزمة إلى دول أخرى، حيث سترفع من أسعار مقايضة الائتمان (وهي بوالص التأمين على الدين مما يؤدي على زيادة التكاليف على المؤسسات المالية وبالتالي المزيد من الضغوط على النظام المالي الأوروبي). كما أنها ستدفع المستثمرين في القطاع الخاص إلى التخلي عن الاحتفاظ بالسندات الحكومية الأوروبية بسبب زيادة الفروق في أسعار مقايضة الائتمان وبالتالي زيادة تكاليف التأمين التي يدفعها المستثمرون.

وبالنسبة لعملية إعادة رسملة البنوك (ب)، فإن شطب %21 من الدين اليوناني سيؤدي إلى حاجة بعض المصارف إلى رفع رأس مالها الأساسي لضمان الالتزام بمعدل كفاية رأس المال في ظل الضغوط الحالية أو المستقبلية مثل حدوث حالة ركود جديدة أو مزيد من التعثر في سداد الديون السيادية. ومن المتوقع أن تقوم هيئة المصارف الأوروبية بإجراء اختبارات ضغط لتقييم حجم رأس المال المطلوب لعملية إعادة الرسملة. ومن المتوقع أن تجري الاختبارات على أساس أن يتراوح معدل كفاية رأس المال الأساسي بين %7 و%9، وهو ما يمكن أن يُظهر أن ما بين 50 و70 بنك ستحتاج إلى إعادة رسملة بتكلفة تتراوح بين 100 مليار يورو و260 مليار يورو.

المصدر: رويترز، و*آخر البيانات المتاحة حول جميع البنوك لشهر ديسمبر 2010. بعض البنوك في وضع أفضل حالياً، حيث قام كل من دويتشه بنك ورويال بنك أوف سكوتلاند بتخفيض محفظة القروض وتقليص تعرضهم للديون السيادية.

وبناءاً على حسابات رويترز، فإن إجراء اختبارات الضغط على أساس معدل كفاية رأس المال الأساسي عند %8 مع شطب %36 من دين اليونان سيؤدي إلى الحاجة لزيادة رأس المال الأساسي في 54 بنك بقيمة 128 مليار يورو. ويظهر في الشكل السابق البنوك التي ستحتاج إلى أعلى معدلات إعادة رسملة في هذا السيناريو.

يكمن الخلاف الرئيسي بين القوى المؤثرة في الاتحاد الأوروبي، فرنسا وألمانيا، حول طريقة تمويل زيادة رأس المال الأساسي في هذه البنوك. فرنسا ترى أنه يجب استخدام صندوق الاستقرار المالي في أوروبا والذي تمت زيادته مؤخراً ليصل إلى 440 مليار يورو، غير أن ألمانيا، التي تعتبر أكبر مساهم في الصندوق، تفضل قيام حكومات الدول بتقديم التمويل المطلوب لإعادة الرسملة. كما أن من بين البدائل المتاحة هو قيام المصارف ببيع بعض أصولها مما يؤدي إلى تقليص إجمالي موجوداتها وبالتالي لا تحتاج إلى زيادة رأس مالها الأساسي.

معارضة الحكومة الألمانية لاستخدام صندوق الاستقرار المالي يجعل الحل المحتمل هو قيام البنوك بزيادة رؤوس أموالها من خلال مصادرها الخاصة وفي حال عجزت عن ذلك، بسبب ارتفاع التكلفة، فإن حكومات الدول ستتدخل لتمويل إعادة الرسملة. ولن يتم اللجوء إلى صندوق الاستقرار المالي إلا في أسوأ السيناريوهات حين تعجز الحكومات عن توفير التمويل. لكن حتى التوصل إلى آلية تعمل من خلالها الحكومات لزيادة رأس المال الأساسي في البنوك سيحتاج لبعض الوقت.

على أيه حال، ستؤدي مساهمة الحكومات في عملية إعادة الرسملة إلى استخدام موارد صندوق الاستقرار المالي لضمان إصدارات ديون سيادية جديدة، وهو إجراء يعكف المسؤولون الأوروبيون على دراسته كوسيلة لتقليص مخاطر انتقال أزمة الديون السيادية إلى دول أخرى (ج).

ويرى تحليل QNB Capital أن التباين في مصالح واهتمامات مختلف حكومات دول منطقة اليورو، والدول الأخرى خارج أوروبا، والمنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، وحاملي السندات من القطاع الخاص يجعل من الصعب التوصل إلى حل للازمة. ولذلك ليس من المتوقع الإعلان عن حل نهائي خلال قمة اليوم، بل من المرجح أن يتم التوصل إلى حل تدريجي على مدار الشهور القليلة القادمة.