أشار تحليل صادر عن QNB Capital إلى أن البيانات الاقتصادية التي صدرت مؤخرا في الولايات المتحدة أعطت مؤشرات متضاربة، لكنها أدت إلى حركة تصحيح حادة في أسواق السلع بالإضافة إلى تذبذبات قوية صعودا وهبوطا في سعر صرف الدولار.
وأوضحت التقديرات الأولية لوزارة التجارة الأميركية في نهاية ابريل الماضي أن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة تباطأ إلى 1.8 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع معدل نمو بلغ 3.1 في المائة خلال الربع الأخير من عام 2010. كما أن معدل الإنفاق الحكومي تراجع خلال الربع الأول ومن المتوقع أن يؤدي لعرقلة النمو الاقتصادي في المستقبل.
غير أن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الخاص خلال الربع الأول بمعدل 2.7 بالمائة جاء أعلى من التوقعات، الأمر الذي يعطي مؤشر ايجابي حول ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في وقت لاحق من هذا العام حيث يمكن أن يكون التباطؤ الحالي حركة مؤقتة.
لكن تحليل QNB Capital أشار إلى ازدياد المخاوف حول أداء الاقتصاد الأميركي بعد أن أظهر مسح لقطاع الأعمال أجرته وزارة العمل الأميركية أن طلبات إعانة البطالة لأول مرة بلغت 474 ألف طلب في ابريل الماضي، مرتفعة بنسبة 10 في المائة عن طلبات الإعانة في شهر مارس، كما أنها أعلى مستوى لطلبات الإعانة في ثمانية أشهر. في حين أظهر مسح منفصل لقطاع السلع المعمرة أن معدلات البطالة ارتفعت إلى 9 في المائة خلال ابريل مقارنة مع 8.8 في المائة في مارس.
وقد أدت البيانات الضعيفة للاقتصاد الأميركي، فضلا عن مخاوف أكبر بشأن الوضع في الاقتصاد العالمي خاصة المخاوف من تأثير إجراءات الحكومة الصينية للسيطرة على معدلات التضخم، إلى ضغوط بيعية شديدة في أسواق السلع خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري. وشهدت الأسواق تراجع سعر مزيج برنت، الذي يعتبر الخام المرجعي في أسواق النفط العالمية، بمعدل 12 دولارا يوم الخامس من مايو ليغلق عند 109 دولارا للبرميل، وهو أعلى معدل انخفاض في يوم واحد يتم تسجيله على مزيج برنت. كما تراجعت أسعار جميع السلع الأخرى، خاصة الفضة التي فقدت 13 في المائة من قيمتها في الخامس من مايو لتغلق تحت 35 دولارا للأوقية، الأمر الذي يعني أن المعدن تراجع بأكثر من 30 في المائة من أعلى معدل يسجله في تاريخه عند حوالي 50 دولارا للأوقية والذي بلغه في الأسبوع السابق.
ويميل سعر صرف الدولار إلى التحرك عكس اتجاه حركة الأسعار في أسواق السلع على المدى القصير، حيث أن ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد الأميركي تؤدي إلى زيادة أسعار السلع المقومة بالدولار. ولذلك يسعى المستثمرون إلى شراء السلع كوسيلة للتحوط ضد ارتفاع معدلات التضخم. كما أن زيادة التوقعات بارتفاع التضخم تضغط على سعر صرف الدولار لأن التضخم يؤدي على تقليص القوة الشرائية للعملة، والعكس صحيح.
لذلك نجد أن أسعار السلع وصلت إلى مستويات مرتفعة جدا قبل الإعلان عن بيانات الاقتصاد الأميركي الأخيرة في حين أن الدولار بلغ مستويات متدنية جدا. لكن نتيجة لهذه البيانات تراجعت التوقعات حول ارتفاع معدلات التضخم الأميركية، بالإضافة إلى توقعات ضعيفة بشأن أداء الاقتصاد العالمي. لذلك نشهد عمليات خروج ضخمة من أسواق السلع العالمية بجانب مكاسب قوية للدولار في سوق العملات. وأضافت مؤشرات بعث بها المصرف المركزي الأوروبي بأنه لا يعتزم رفع سعر الفائدة قبل يوليو المقبل إلى الزخم الذي شهده الدولار حيث أصبح أكثر جاذبية من اليورو بعد أن كانت أسواق العملات تعول على رفع جديد لأسعار الفائدة في منطقة اليورو.