QNB

لقاحات كوفيد-19 أساسية لتحقيق تعافي قوي في الاقتصاد العالمي في عام 2021

نشر يوم : Sun, 20 Dec 2020

يمر الاقتصاد العالمي حالياً بما يمكن وصفه بإحدى أكبر عمليات التعافي الاقتصادي منذ عقود. فبعد أن أنتجت صدمة كوفيد-19 أشد وأعمق تباطؤ على الإطلاق في الربع الثاني من عام 2020، أدت سياسات التحفيز القوية والاحتواء المؤقت للجائحة إلى انتعاش كبير في الربع الأخير من العام. لكن الاقتصاد العالمي لم يخرج من دائرة الخطر بعد. فمع استمرار الجائحة، يمكن أن تؤدي أي زيادات حادة في حالات الإصابة الجديدة إلى "ركود مزدوج" أو تباطؤ كبير في عملية التعافي.

ويتطلب تحقيق التعافي المستدام في الاقتصاد العالمي إيجاد حل أكثر ديمومة لجائحة كوفيد-19. وفي الوقت الراهن، فإن ذلك يعني تطوير لقاحات فعالة ونشرها لضمان التحصين الشامل على مستوى العالم. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه لا توجد رؤية واضحة حتى الآن بشأن نسبة الأشخاص الذين يتعين أن تكون لديهم أجسام مضادة أو يجب أن يحصلوا على لقاح لتحقيق مناعة القطيع ضد كوفيد-19. لكن الافتراض العام السائد بين علماء الأمراض الانتقالية هو أن نسبة كبيرة من سكان العالم بحاجة إلى التطعيم لكسر السلاسل الرئيسية لانتقال العدوى، مما يقلل الكمية الإجمالية للفيروس القادر على الانتشار بين كافة السكان.

إن عملية تطوير اللقاح ليست سهلة، بل هي في الواقع طويلة ومعقدة وقد تستمر في الظروف العادية لأكثر من 10 سنوات، وتتطلب تضافر جهود المؤسسات العامة والخاصة. لكن حالة الطوارئ التي سببها الوباء أدت إلى حشد غير مسبوق للموارد لتطوير لقاح بسرعة قياسية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه يوجد حتى الآن 52 لقاحاً مرشحاً للتقييم السريري.

وتجدر الإشارة إلى أنه وبعد أشهر من الأبحاث، تم ترخيص العديد من لقاحات كوفيد-19 للاستخدام في حالات الطوارئ على خلفية النتائج الممتازة أثناء المراحل الأخيرة من تجارب تطوير الفعالية. وفي وقت كتابة هذا التقرير، تم بالفعل تطوير خمسة لقاحات بمعدلات فعالية تتجاوز نسبة 50% المطلوبة من قبل الجهات التنظيمية الرئيسية. ويشمل ذلك اللقاحات المطورة في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين. وهناك المزيد من اللقاحات التي سيتم طرحها في المستقبل، حيث من المتوقع أن تحقق عدة لقاحات أخرى نتائج اختبارية مماثلة قريباً. وقد أثبتت لقاحات كوفيد-19 الجديدة حتى الآن أن فعاليتها تتجاوز بكثير فعالية لقاحات الإنفلونزا التقليدية.

  QNB

تعمل المعامل وشركات الأدوية بالفعل على تكثيف إنتاج اللقاحات. وفقاً للدكتور منصف السلاوي، مدير عملية "وارب سبيد" ​​الأمريكية، فإن توافر اللقاح في الولايات المتحدة سيزداد بسرعة كبيرة، بما في ذلك 35 إلى 40 مليون جرعة هذا الشهر، و60 إلى 70 مليون جرعة في يناير 2021، و90 إلى 120 مليون جرعة في فبراير وأكثر من 150 مليون جرعة شهرياً بعد مارس. ومن المتوقع أيضاً حدوث زيادة في إنتاج وتوافر اللقاحات عالمياً.

تتعمق هذه المقالة في ثلاث نقاط رئيسية حول التطورات الحالية للقاح وانعكاساتها الاقتصادية.

أولاً، يعد تطوير العديد من اللقاحات أمراً أساسياً للتخفيف من مخاطر التوافر وإعطاء المرونة لسلاسل التوريد، وهو أمر ضروري لخطط التحصين الجماعي الطارئة. وتعتمد جهود التحصين العالمية على عدد كبير من المهنيين وشبكات البنية التحتية، بما في ذلك الصيادلة والعاملين في مجال التمريض والكيميائيين وعمال المصانع وسائقي الشاحنات والطيارين وعلماء البيانات والموظفين الحكوميين. وتعتبر جهود التنسيق حاسمة، حيث ينبغي أن يستمر عمل جميع الروابط العديدة والمعقدة في هذه السلسلة. ومع اعتماد لقاحات مختلفة تستخدم تقنيات وسلاسل إمداد مختلفة، تصبح البنية التحتية لتوفير اللقاح أكثر قوة وأقل عرضة للاضطراب.

ثانياً، فإن معظم البلدان التي تواجه تأثيرات شديدة جراء وباء كوفيد-19 هي اقتصادات متقدمة ناضجة تتمتع بموارد هائلة ومؤسسات قوية وأنظمة إدارية قوية، مما يدعم قدرتها على الحصول على اللقاحات وتوزيعها بشكل جماعي. وهذا يشمل أوروبا والولايات المتحدة، وهما من أكثر البلدان والمناطق عرضة للتأثر بكوفيد-19، بسبب التركيبة السكانية (شيخوخة السكان) وعدم قدرتها على احتواء الانتشار المبكر للفيروس. ومع قيام البلدان شديدة الارتباط التي لديها عدد أكبر من الحالات بتحصين سكانها، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تباطؤ الانتشار العالمي لوباء كوفيد-19 بسرعة.

ثالثاً، من المرجح أن يؤدي التحصين العالمي الجماعي إلى تحرير الطلب المحتجز في قطاعات اقتصادية رئيسية، وعلى وجه الخصوص الخدمات والأنشطة التي تعتمد على التعاملات وجهاً لوجه. وهذا سيدعم قطاعات السياحة والطيران والمطاعم والترفيه والشركات المتوسطة والصغيرة.

بشكل عام، تعد لقاحات كوفيد-19 بمثابة رياح دافعة رئيسية للاقتصاد العالمي في عام 2021. وبافتراض عدم حدوث مشاكل كبيرة في إنتاج اللقاحات وتوزيعها بكميات كبيرة، من المتوقع أن يُعاد فتح الاقتصاد العالمي تدريجياً في الربعين الثاني والثالث من عام 2021، وهو ما من شأنه أن يساهم في تسريع التعافي الاقتصادي.

يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير    عربي و English