QNB

موجة دلتا تتراجع في آسيا الناشئة لكن تظل هناك رياح معاكسة أخرى

نشر يوم : Sat, 18 Sept 2021

مقدمة: بعد الصمود في وجه العاصفة الأولية الناتجة عن كوفيد-19 في عام 2020، أصبحت آسيا الناشئة هي المنطقة الأكثر تضرراً حتى الآن من الزيادة في عدد الإصابات الناجمة عن متحور دلتا. 

في العام الماضي، اتبعت العديد من الدول الآسيوية استراتيجيات للقضاء بالكامل على كوفيد من خلال عمليات الإغلاق المحلية التي تم فرضها بسرعة، والتتبع الفعّال للمخالطين، وفرض القيود على السفر الدولي للحفاظ على عدد حالات التفشي المجتمعي للفيروس قريبة من الصفر. وقد سمح ذلك لمعظم الاقتصادات الآسيوية بالاستمرار في تحقيق النمو، وتسجيل بعض أقوى معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم في عام 2020.

ومع ذلك، فإن الوضع مختلف تماماً في عام 2021 حيث انتشر متحور دلتا بسرعة في جميع أنحاء العالم. وقد تأخرت حملات التطعيم في آسيا بسبب عدد من العوامل منها: النجاح في إدارة الجائحة خلال العام الماضي، التردد بشأن تلقي اللقاح، والقيود المفروضة على إمدادات اللقاحات. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر متحور دلتا أسرع انتشاراً من فيروس كوفيد-19 الأصلي، الأمر الذي مكّنه من تخطي دفاعات آسيا الناشئة. ونتيجة لذلك، حدثت زيادة كبيرة في عدد الإصابات الجديدة التي بدأت تتراجع حالياً.

سنقوم في تقريرنا لهذا الأسبوع بتقييم الأوضاع المرتبطة بالجائحة في آسيا الناشئة من خلال النظر في عدد الحالات الجديدة للإصابة بكوفيد-19، ووضع عمليات فرض القيود، والتقدم في حملات التطعيم، ثم سنتطرق للآثار المترتبة على التوقعات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.

  QNB

أولاً، بلغ عدد الحالات الجديدة للإصابة بفيروس كوفيد-19 ذروته في آسيا الناشئة وهو آخذ في التراجع حالياً (الرسم البياني 1). فقد انخفض عدد الحالات الجديدة بشكل كبير في إندونيسيا ليصل إلى حوالي ثلث العدد المسجل أثناء فترة الذروة، بينما يبدو أن أعداد الحالات في ماليزيا وتايلاند قد بدأت أيضاً في الانخفاض. ولعل الاستثناء الوحيد هو أن أعداد الحالات في الفلبين لا تزال في ارتفاع.

QNB

ثانياً، نجح عدد من البلدان في تسريع وتيرة حملات التطعيم (الرسم البياني 2). وقد ساعد ذلك بالتأكيد في إبطاء انتشار متحور دلتا. ولكن، نظراً لأن عدد الذين تلقوا اللقاح هو أقل من نصف السكان في العديد من هذه البلدان، يجب تحقيق المزيد من التقدم لإعادة افتتاح الاقتصادات بالكامل. فقد تبين أن تطعيم نسبة كبيرة من السكان يقلل بشكل كبير من حالات الإصابة المصحوبة بأعراض شديدة والوفيات الناجمة عن كوفيد-19. في الواقع، يمكن القول إن ذلك شرط مسبق للحيلولة دون إنهاك أنظمة الرعاية الصحية عند إعادة فتح الاقتصادات.

ثالثاً، بفضل التقدم في التطعيم واستقرار أو تراجع أعداد حالات الإصابة بوتيرة ثابتة، بدأت بعض الحكومات الآن في تخفيف قيود الإغلاق وإعادة فتح اقتصاداتها. فقد بدأت ماليزيا في رفع القيود بحذر وشرعت إندونيسيا في إعادة فتح مراكز التسوق والمطاعم والمساجد في الأسابيع القليلة الماضية. وعلى غرار سنغافورة، تعمل تايلاند حالياً على تغيير نهجها إلى "التعايش مع الفيروس"، مع خطط لتخفيف القيود خلال شهر سبتمبر وفتح البلاد بأكملها للسياح الذين تم تطعيمهم اعتباراً من أكتوبر. ومع ذلك، هناك مخاطر بإعادة فرض القيود مستقبلاً في بعض البلدان التي لا يزال لديها مستوى منخفض من التطعيم.

الخلاصة: مع استمرار ارتفاع عدد الحالات الجديدة وانخفاض مستويات التطعيم في بعض البلدان الآسيوية، سيستمر التخفيف الحذر لقيود الإغلاق الذي سيواصل تقييد الطلب المحلي. وإلى جانب تلاشي الدعم الناتج عن الطلب الخارجي على السلع المصنعة، والتأثير السلبي جراء تباطؤ النمو في الصين، فإن ذلك من شأنه أن يزيد الرياح المعاكسة للنشاط الاقتصادي في آسيا الناشئة.

لقد كُتب الكثير في العقد الماضي عن تحول الكتلة الاقتصادية شرقاً إلى آسيا ونتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المدى المتوسط ​​إلى الطويل. ومع ذلك، فقد كان لمتحور دلتا تأثير سلبي كبير على آسيا في العام الحالي، ونتوقع أن يستمر هذا التأثير في العام المقبل. وستؤثر هذه الرياح المعاكسة التي تضرب آسيا بشكل كبير على توقعات الاقتصاد العالمي، فقد بلغ التعافي ذروته في الولايات المتحدة، وتعتبر أوروبا حالياً هي التكتل الاقتصادي الوحيد الذي يُتوقع أن يستمر في التعافي بشكل قوي حتى العام المقبل.

يمكنك أيضاً تنزيل نسخة PDF من التقرير عربي و English